هذا التعبير المجازي يصف تلك الظواهر ذات الترابطات والتأثيرات المتبادلة والمتواترة التي تنجم عن حدث أول، قد يكون بسيطا في حد ذاته، لكنه يولد سلسلة متتابعة من النتائج والتطورات المتتالية والتي يفوق حجمها بمراحل حدث البداية، وبشكل قد لا يتوقعه أحد، وفى أماكن أبعد ما يكون عن التوقع، وهو ما عبر عنه مفسرو هذه النظرية بشكل تمثيلي يقول ما معناه، أن رفـّة جناحي فراشة في الصين قد يتسبب عنه فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أبعد الأماكن في أمريكا أو أوروبا أو أفريقيا
والمثال المشهور والذي يصور فكرة أن سلوك النظام المتحرك يعتمد على فروقات بسيطة في مراحله الأولى هو مثال الكرة. إذ عند وضع كرة ما في أعلى تله ما، يمكن أن تتدحرج في أي اتجاه بناء على فروقات صغير في موضعها الأول .
وظف هذا المصطلح المجازي كثيراً في الكتابات الأدبية عند تصوير فكر تنطوي على السفر عبر الزمن والتي تحتوي سيناريوهات تحتوي على فكرة "ماذا لو حدثت، أو لم تحدث، حالة أو حدث ما في الماضي وتأثير ذلك على الواقع".
من أوائل من حاول إثبات تلك النظرية رياضياً عالم أرصاد يدعى إدوارد لورينتز كان يعمل على برنامج محاكاة لتحولات الطقس على حاسوب وأراد يوماً أن يعدل في البرنامج وتوفيراً للوقت بدأ من منتصف سلسلة الحسابات التي يريد تعديلها، وبعد التعديل كانت النتيجة غير متوقعة على الإطلاق
تخيل لو أنك تقوم بعملية حسابية ووضعت 156.642 بدل من 156.642135 هل يحدث ذلك الفرق أثراً؟
الفرق بين الرقمين صغير جداً فهو عبارة عن 0.000135، وهذا بالضبط ما حدث مع لورنتز فبدل إدخال أرقام ذات منازل عشرية ستة أدخل أرقام ذات منازل عشرية ثلاث فنتج عن ذلك فرق كبير فى النهاية
هذا ما يدعى بالحساسية المرهفة للظروف الأولية .
فلو أسقطنا بشكل ما هذه النظرية على حياتنا الشخصية سنرى أن ليس ما ندعوه بالقرارات المصيرية هي فقط القرارات الأشد تأثيراً في حياتنا ولكن قد تكون لبعض الأفعال الصغيرة التي نعتاد فعلها بشكل متكرر تأثير كبير فى نمط حياتنا، كالتدخين مثلا فسيجارة واحدة قد تبدو أنها بلا أثر لكن مع التكرار نرى الفرق واضح.
ولتقريب الفكرة أكثر من أذهاننا , دعونا نتخيل سويا فراشة تطير في الهواء ، ونرى ضفدعا يتجه نحوها ثم يلتهمها .. لو فرضنا معا أنه لم يستطع التهام هذه الفراشة فإن الأحداث ستتغير حتما ، سيتجه للبحث عن شيء آخر يأكله ، وربما لا يجد فيموت جوعا ، ولنتمادى في الخيال ونفرض أن هذا الضفدع كان بعد تناوله الفراشة سيجده ثعبان ويأكله بدوره ، هذا لن يحدث في حالتنا إذن لأن الضفدع مات جوعا وطبعا أدى ذلك إلى أن الثعبان بالتالي سيبحث عن شيء آخر يأكله ، وربما في رحلة بحثه هذه يمر إنسان عاثر الحظ في طريقه ، فيشعر بالخطر لوجوده فيقوم بلدغه فورا ، ويموت هذا الشخص بالسم .. ولنقل أن هذا الإنسان العاثر الحظ كان ألبرت أينشتاين قبل وضعه للنظرية النسبية !؟!؟؟؟....
رأينا كيف كان تسلسل الأحداث قد ترتب على مجرد عدم تمكن الضفدع من التهام الفراشة .. الآن نعود للمشهد الأول بعد التهام الضفدع للفراشة والتهام الثعبان للضفدع ، بالتالي لم يعد بالثعبان حاجة الآن للسير بحثا عن طعام ، وبالتالي أيضا لن يقوم بلدغ الشخص الذي سيعود بدوره لحياته الطبيعية وسيقوم بوضع النظرية النسبية وغيرها من النظريات التي غيرت مجرى التاريخ ..
طبعا لا يمكن((حتى الآن )) تغيير التاريخ والعبث بالماضي ، ولكن فقط مجرد تخيل الفكرة ذاتها يصيب بالدوار ، فأي تغيير بسيط في أي حدث تافه في الماضي ربما يؤدى لحدوث أشياء شنيعة في المستقبل ، وربما يتغير تاريخ الأرض كله من حادثة بسيطة مثل موت فراشة أو نجاتها من هذا الموت..
دعنا إذن لا نهمل بسيط الأمور ، ولنهتم جيدا بحاضرنا لأنه السبيل الوحيد لمستقبل سعيد ، ولنعلم أنه أي حدث ((على تفاهته)) يمكن أن يترتب عليه أحداثا بالغة الأهمية كما رأينا في السابق ، ولا نستهين أبدا بأي شيء نفعله أو يحدث لنا .. لا نستهين أبدا ب "تأثير الفراشة"
- المرفقات
- butterfly_01.jpg
- لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
- (74 Ko) عدد مرات التنزيل 3